أنا جمل صلب لكن علتي الجمال غشيم مقاوح ولا يعرف هوى الجمال كار الجمل لو جمل يلعنه الجمال . وربي رماني حدا ناس ما يعرفوش قدري وسبوني في التراب بعد الحمول العال وصبحت عيان قوي يلعبوبي عيال وطلعوني السوق يا عم واشترم فيه من يد واحد لواحد ملقيتش واحد يصون الود والجمال أنا جمل صلب لكن علتي الجمال أنا جمل صلب من قبل الخزام والكام غيرش الزمان هد حيلي من نوم الحصا والكام ولبست توب الصفا جت ناقصة البدن والكام وصبحت كالعبد موش عارف حسابي كام تشبيه الشعب المصري بالجمل يظهر في كثير من المواويل وذلك لما اتصف به الجمل من قدرة فائقة على الصبر، وتحمل المشاق.. كذلك للجمل صفة رئيسية وهي معرفته لصاحبه وحرصه على طاعته.. كما أنه يستشعر المعاملة الرديئة.. فينتقم من صاحبها ولو بعد وقت طويل فيرد الصاع صاعين. كل هذه الصفات مجتمعة جعلت الشبه واضحاً كبيراً بين الشعب المصري والجمل. ذلك الحيوان الذي يستخدم بكثرة بين تلك الطبقة الكادحة الفقيرة التي لم تعرف الطريق إلى الخلاص ولكنها تدرك ما تعانيه من شقاء وضياع كما أنها مهيضة الجناح مكتومة الأنفاس، مقضي عليها بالصبر والاحتمال، حتى توفر رغد العيش للباشا، والبيه المملوكي والتركي، للإقطاعي والاحتكاري، لكل أعوان الاستعمار وأذناب الحكام فتنبهت مشاعر الأديب الشعبي وطفق ينطق بالموال. لم يكتب الموال شاعر ولا أديب ممن سمعنا بهم، وقرأنا لهم، ولكنه إنتاج شعبي خالص ترنم به الفلاحون، والعمال، والرعاة، وتناقلوه جيلاً بعد جيل، لذلك كان تعبيراً صادقاً عن خلجاتهم ومشاعرهم، وما يدور بقلوبهم من أحاسيس وأفكار.. كما أنه تعبير صادق مبسط عن الشخصية المصرية الأصيلة في صدقها وبساطتها.. إنه نداء من الأعماق نحو الحق، والحرية.. نحو الخير والفضائل.. نحو الحياة الكريمة بعد أن اختلت معايير الحياة فأسلمت مقاليد أمرها لمن لا يعرف قدرها ولا يرحمها.. فانهال عليها بالظلم والجور، فظل العامل أجيراً فقيراً تعيساً يكدح ولا يربح، يزرع وثماره للآخرين. فلم يكن أمامه غير الآه والتنهيدة التي تجد طريقها بين أنفاسه صادرة من أعماق القلب لتحقق له بعض التعادل بين الضغط والخواء، ضغوط ثقيلة على أنفاسه وقلبه بعد أن امتلأ بالمآسي والآلام بحيث لم يعد به متسع للمزيد، ثم خواء تلك الحياة القاسية الرتيبة التي تتسم بالذل والعبودية، والتي تدفعه إلى العمل بلا مناقشة مهما أضافت إلى قلبه من هموم وآلام. فلم يكن بد من تلك التنهيدة العميقة الصادرة من الأعماق لتحدث شيئاً من التفريغ حتى يقل الضغط الداخلي، ويتسرب إلى الخارج في صورة موال، أو نكتة، أو قصة أسطورية، أو رقصة أو أي مظهر من مظاهر الفن الشعبي الذي يعكس حياة عامة الشعب وخاصة في الريف ويعبر عن مواقفهم من الحياة من حيث العادات والتقاليد والقيم والمبادئ والمثل العليا فيصنع لهم حياة مثالية يحبونها ويقدسونها وينشدونها في الموال، فهو التراث الخالد الذي تناقلته الأجيال، ولم يفقد أثره القوي الواضح خلال هذه الأجيال لصدق تعبيره، وقوة بيانه، وقدرته على الطرب، وذلك لأنه يعتمد على موسيقى اللفظ والتنغيم الذي يدفع الأذن إلى الإنصات كما يدفع الذاكرة إلى الحفظ والترديد، ومن هنا كانت سهولة انتقال الموال، وتداوله بين عامة الناس - دون ما مشقة أو كبير عناء 1. 1 : د. فاطمة حسين المصري، الشخصية المصرية من خلال دراسة الفولكلور المصري، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984، ص 47- 49.
by Nasr El-Deen Abou-Taleb
April 14, 2014 at 09:44PM
from Facebook
via IFTTTfrom Facebook
via IFTTT
by Nasr El-Deen Abou-Taleb
April 14, 2014 at 09:44PM
from Facebook
via IFTTTfrom Facebook
via IFTTT
No comments:
Post a Comment